الفصل الثاني:
ومازالت الصديقة تتودد وتتقرب للفتاة طيبة القلب، وشيئا فشيئا تطلب منها مرافقتها لمنزلها للمذاكرة ومساعدتها ببعض المسائل المستعصية عليها ولكن الفتاة دائما ما تأبى الذهاب لمنزلها وتعتذر منها، وتعدها بأن تظل معها بالجامعة حتى تنتهي من كل حل مسائلها؛ وكل يوم تقدم الصديقة تقريرا يوميا عن حالها مع الفتاة، وبيوم من الأيام قررت الصديقة التحدث مع الفتاة عن ذلك الشاب لتعلم انطباعها عنه، ولكن الفتاة لم ترد عليها إلا ببضعة كلمات: “أنا لم آتِ لهذه الجامعة التي هي حلم حياتي لأتحدث عن أحد أو أتعرف على أحد، إنني أحذو وراء هدفي ولا يوجد شيء في الحياة ليأخذني منه”.
الصديقة: “إنه قريب لي، ولطالما حدثني عنكِ، إنه مولع بكِ حقا”.
الفتاة: “اعذريني ولكني لست الفتاة التي يزعم، أنا أقدس حياتي التعليمية، ولا وقت لدي لكل هذا”.
الصديقة: “إنه يريد أن يتحدث معكِ، ما رأيكِ”.
ظهرت على ملامح الفتاة علامات الضيق بشدة: “إذا كنتِ حقا تريدين استمرار صداقتنا فلا تفتحي معي الموضوع هذا مرة ثانية”.
الصديقة: “كما تريدين، فأنا لا أريد أن أخسركِ”.
حنق على الفتاة وتسرع:
بعدما أخبرت الصديقة الشاب بالحوار الذي دار بينها وبين الفتاة، ذهب الشاب بغضب شديد إلى الفتاة ولم يكن يشعر بنفسه، لقد جن جنونه بمجرد أن أخبرته صديقته بأن الفتاة لا تلقي له بالا، وكيف لها أن تفعل ذلك معه؟!، فهو كل فتيات الجامعة يرغبن بنظرة واحدة من عينيه؛ بمجرد أن رآها جذبها من يدها بكل شدة وعنف محاولا وضعها بسيارته الفخمة فما كان من الفتاة سوى أن لطمته على خده بقلم وجرت بعيدا عنه، حدث معهما كل هذا أمام كل من بالجامعة وعلى مرأى من الجميع، فانقلب الرهان إلى شيء أكبر بكثير لقد تحول إلى انتقام من الفتاة لرد كرامته، فعزم على كسر الفتاة لدرجة أنها لن تستطيع أن تعيش بالحياة، لقد توعد لها بينه وبين نفسه بأن سيجعلها تخسر أعز وأغلى ما تملك أي فتاة ولاسيما عندما تكون عفيفة ومتدينة مثلها.
انتقام:
طلب الشاب من صديقته أن تحاول جاهدة على جعل الفتاة تقدم إلى منزلها مرة واحدة، ففكرت الفتاة في خطة محكمة لكي تدخل على الفتاة وهي أن تأتي لحفلة عيد مولدها، بعد الانتهاء من المحاضرة….
الصديقة: “إن غدا هو يوم عيد مولدي، فهل ستقبلين أن تأتي وتحتفلي معي أم أنكِ ستخذلينني؟”.
الفتاة: “ولكنكِ تعلمين ظروفي”.
الصديقة: “إنه يوم بالعام، لن أقبل أعذاركِ مطلقا وخاصة أنتِ تعلمين أنكِ صديقتي الوحيدة بالجامعة، لا تقلقي سأجعلكِ تذهبين باكرا”.
الفتاة: “حاضر سأقبل دعوتكِ، وكل عام وأنتِ بألف خير مقدما يا حبيبتي”.
بالمنزل………….
العمة: “أهلا بحبيبة قلب عمتها”.
الفتاة: “عمتي حبيبتي، كيف صار يوم عملكِ؟”
العمة: “الحمد لله صار على ما يرام، وكيف هي أحوال دراستكِ يا عزيزتي؟”.
الفتاة: “الحمد لله أنهيها أولا بأول حتى أن أساتذتي بالجامعة كلهم يميزونني على البقية من شدة تفوقي، لا تقلقِ يا عمتي سأجعلكِ تفتخرين بي كما تفعلين دوما”.
وتعالت ضحكات الاثنتين، يا لحظهما العسر فهم على جهل بكل ما يُرتب ويُحاك ضدهما من خطط خبيثة من قلوب قاسية لا تعرف طريق الرحمة أبدا.
الفتاة: “عمتي أريد أن أطلب منكِ طلبا يسيرا”.
العمة: “بالتأكيد يا حبيبتي”.
الفتاة: “إن صديقتي التي حدثتكِ عنها مسبقا غدا يصادف يوم مولدها، وألحت علي في الذهاب إلى منزلها وأنا قبلت يا عمتي، أتسمحين لي بالذهاب؟”
العمة: “بكل تأكيد، وسأجهز لكِ فستانا لا يوجد له مثيل، ستبدين كالأميرات أعدكِ بذلك”.
عمدت العمة المحبة لابنة أخيها الراحل إلى صنع فستان سهرة بألوان جذابة، وعندما أنهته جعلته لها مفاجأة وذهبت واشترت لها إكسسوارات خاصة به لتزيينه وتجعله أكثر جمالا.
الحفلة:
ارتدت الفتاة الفستان الأنيق فزادها جمالا على جمالها، لقد كانت في غاية الروعة، وذهبت للحفلة بعدما اشترت هدية قيمة تليق بصديقتها، وعندما وصلت جذبت كل الأنظار إليها، فهو وسط غير وسطها بالمرة، إنه وسط يعج برجال الأعمال الأثرياء وبسيدات صفوة المجتمع، لقد توترت الفتاة ووقفت هائمة تارة تريد أن تعود أدراجها وتارة لا تريد أن تخذل وتخيب ظن صديقتها؛ ولو على صديقتها هذه فلم تكن لها سوى مشاعر الحقد والغيرة، كيف لفتاة من عامة الشعب تتفوق عليهم جميعا؟!، تتفوق بجمالها وذكائها ونبوغها، إنها حقا تستحق أن تأخذ درسا قاسيا يجعلها تنصدم في جميع من بالدنيا؛ لقد كانت الفتاة تعيش بفطرتها السليمة في عالم مليء بوحوش بشرية، ربما الوحوش كانت أحن عليها من هؤلاء القوم….
فيا ترى ما المكيدة التي قاما الشاب وصديقته بتدبيرها للفتاة طيبة القلب؟
وهل ستقع فيها هذه الفتاة المسكينة؟ أم لا؟
………. يتبع …